بقلم : د.أمل الموزان.
يشهد العالم المعاصر العديد من المتغيرات والمستجدات في
مختلف المجالات بشكل عام ، وفي مجال التعليم على وجه أخص ، ذلك أن التعليم هو
المفتاح الرئيسي الذي يمكنه أن يفتح الأبواب أمام تلك المجتمعات نحو التقدم والرقي
أو أن يكون على النقيض من ذلك تماماً ، نعيش اليوم في عصرٍ القوة فيه لمن يتسلح
بسلاح العلم ويستشرف مستقبله ويدرس كافة السبل التي يمكن توظيفها للإبداع في تقديم
منظومات تعليمية تسعى لأن تكون مخرجاتها عماداً وسنداً قوياً للمجتمع .
ونلاحظ اليوم
تقدماً متسارعاً في التكنولوجيا بشكل عام وتكنولوجيا التعليم على وجه أخص ،
وظهوراً متجدداً لمستحدثات تكنولوجية أصبح لأنواع منها تأثيرات كبيرة في تحويل
مسارات المنظومات التعليمية ومحاولة حل
العديد من المشكلات التي تواجهها وعلى رأسها كثرة أعداد المتعلمين وضعف القدرة
الاستيعابية للمؤسسات التعليمية وغيرها كثير ، مع التركيز على نقطة جوهرية في خضم
تواتر ظهور تلك المستحدثات ألا وهي أن استخدام
مثل هذه الأنظمة قد لا يقدم حلولاً سحرية لكل مشكلات التعليم، كما أنه لا يضمن جودة
التعلم وحسن نوعيته، إذ قد يكون عاملاً مساعداً على النجاح وقد يكون العكس (العصيمي،
2006 : 375).
إذ
أن توظيف المستحدثات التكنولوجية التي أفرزها التزاوج الحادث بين مجالي تكنولوجيا
المعلومات وتكنولوجيا التعليم في العملية التعليمية أصبح ضرورة ملحة تفرض على
النظم التعليمية في منطقتنا العربية إحداث نقلة نوعية في الأهداف التي تسعى إلى
تحقيقها لينصب التركيز على إكساب المتعلمين مجموعة من مهارات الحياة المعاصرة مثل
مهارات التعلم الذاتي ، ومهارات المعلوماتية وما يتضمنانه من مهارات التعامل مع
المستحدثات التكنولوجية ، ومهارات إدارة الذات ، وغير ذلك من المهارات ( النعيمي
،2001: 28) .
وهذا
يعني أنه ليس الوصول إلى المزيد من المعلومات هو القضية المهمة في التعليم اليوم ،
إذ لا بد من إعداد المتعلمين للتعلم بشكل مستمر الأمر الذي أصبح الصفة المميزة
لعصر المعرفة ، وقد بدأت مؤسسات التعليم العالي تدرك ببطء أن محتوى العملية
التعليمية لن يحدد وحده التعلم النوعي بل إن أسلوب الوصول إلى المعرفة وعمليات
التفاعل والتواصل هي التي يمكن أن تقود عملية التعلم ، وبالتالي تميز هذه المؤسسات
( غاريسون وأندرسون ،2006) .
لهذا فإن الدور القادم لتوظيف التقنية في التعلم الشبكيّ
المعتمد على أسس فلسفية ونظرية مختلفة كلياً عما عهده المجتمع التربويّ، وحده
سيكون حجر الزاوية في إحداث تحول حقيقي في عملية التعلم، بمعنى أن التربية تشهد
ربما للمرة الأولى تزاوجاً فريداً بين التقنية والنظرية التربوية، إذ ليس بالتقنية
وحدها يحدث التحول الحقيقي وإنما يتطلب ذلك حدوث تغير جوهري في افتراضات التربويين
الفلسفية والنظرية حول الكيفية التي يتعلم بها الفرد، وتوظيف التقنية في ضوء هذه
الافتراضات ( الصالح: 2005: 5).
ولعلنا لا نغفل الكثير من الخصائص التي تتميز بها مستحدثات تكنولوجيا التعليم
متى ما تم توظيفها في العملية التعليمية
وفقاً للأسس السابق الإشارة إليها ولعل من أبرز تلك الخصائص : المنظومية ، و الكونية أو العالمية ، والاتقان ،
والتفريد
، والتنوع أو التعددية ، وكذلك التفاعلية
والتشاركية ، ويضاف لذلك كله خاصية التوفير،
ولكل خاصية من هذه الخصائص معانٍ فريدة تضيف للمتعلم الشئ الكثير .
ولاشك أن تطور
العلوم السلوكية والتربوية كان له الدور الأكبر كمبرر
لظهور تلك المستحدثات وذلك عندما برزت
العديد من النظريات التي مهدت لظهور بعض العلوم التربوية الجديدة منها: علم
التعليم , وعلم التصميم التعليمي , وغيرها من العلوم . مما دعا إلى البحث والتفكير
في كيفية توظيف هذه المعرفة واستثمارها لتطوير العملية التعليمية بكافة عناصرها ,
ورفع مستواها الكيفي وهو ما قد يتحقق بتوظيف تلك المستحدثات ، إضافةً إلى محاولة
تحقيق الاستفادة من تطور التكنولوجيا في
جوانبها المادية والمعنوية ، ولا نغفل مبرر
مهم جداً يتعلق بذلك الانفجار السكاني وما يقابله من
انفجار معرفي ، وما تواجهه بعض الدول العربية
من أزمات في التجديد التربوي وضعف مستوى مخرجات منظوماتها التعليمية الأمر
الذى وضعها أمام مشكلات كبيرة كانت بحق مبرر لاستخدام تلك المستحدثات في محاولة
لعلاج تلك الأزمات .
ومما
لاشك فيه أن توظيف مستحدثات تكنولوجيا التعليم في المنظومات التعليمية سيكون له
العديد من الآثار والانعكاسات والتغييرات الإيجابية
على كافة المستويات إذ في ضوئها
وعلى أساس توظيفها التوظيف المخطط والمدروس وبلفظ أدق عندما نوظف عملية التصميم
التعليمي في تطبيق تلك المستحدثات لاشك سنرى تغييرات ايجابية في أدوار كل من المعلم والمتعلم
وكذلك في فلسفة التعليم وأهدافه ، وتغير معالجات التدريس واستراتيجياته ، وتطور مفهوم لوسائل التعليمية إذ ستصبح عنصراً رئيساً في إستراتيجية التدريس, ومنظومة فرعية
للمنظومة التعليمية الكبرى , تدور حولها الأنشطة التعليمية التي تؤدي إلى تكوين
الخبرات والمهارات المطلوبة ، ويتوج جميع ذلك أن يصبح
معيار الجودة والإتقان للمادة التعليمية هو المعيار الأول للنظام التعليمي
ومخرجاته.
عزيزاتي
المتعلمات سيتم تناول هذا الموضوع باستعراض متأني لمفهوم تلك المستحدثات وخصائصها ودواعيها
وآثارها الإيجابية على المنظومات التعليمية وكذلك بعض نماذجها ، يمكنكن الرجوع
للأهداف التفصيلية لدراسة هذه الوحدة بالضغط هنا أو بالرجوع لصفحة وحدات المقرر
وأهدافه التفصيلية على هذه المدونة .
المراجع :
الصالح،
بدر بن عبدالله. (2005). " التصميم التعليمي وتطبيقه في تصميم التعليم الإلكتروني
عن بعد "، بحث ضمن كتاب التعليم عن بعد بين النظرية والتطبيق، أمانة
لجنة مسؤولي التعليم عن بعد بجامعات ومؤسسات التعليم العالي بدول مجلس التعاون
بالخليج العربي، ط1، الكويت: مركز التعليم عن بعد.
العصيمي
، خالد بن محمد .(2006). " المتغيرات العالمية المعاصرة وأثرها في تكوين المعلم " ، دراسة مقدمة في اللقاء السنوي الثالث عشر للجمعية
السعودية للعلوم التربوية والنفسية تحت عنوان إعداد المعلم وتطويره في ضوء
المتغيرات المعاصرة في الفترة من 22/23 محرم 1427هـ ، الرياض : جامعة الملك سعود .
غاريسون ، د.ر ، وآندرسون ، تيري
.(2006). " التعليم الإلكتروني في القرن الحادي والعشرين " ،
ترجمة محمد رضوان الأبرش وحسني عبدالغني المحتسب ، الرياض : مكتبة العبيكان ،
بواسطة الموقع :
النعيمي ، نجاح محمد .(2001). "
أثر تقديم برامج الكمبيوتر متعددة الوسائط المصحوبة بإمكانية الوصول إلى الإنترنت
على مستوى المعلوماتية لدى الطلاب المعلمين ذوي مصدر الضبط الخارجي والداخلي
وتحصيلهم في مجال تقنيات التعليم " ، بحث مقدم للمؤتمر العلمي السنوي
الثامن للمدرسة الإلكترونية ,الجمعية المصرية لتكنولوجيا التعليم بالتعاون مع كلية
البنات ، القاهرة : جامعة عين شمس.